السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
شهـدت جامعة السلطان قابوس في الفترة من 6 وحتـى 10 مارس 1999م حدثاً ثفافياً هاماً تمثـل في الأسـبوع الثقافي الثالث لجامعات دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية. والذي تضمن عدداً من الفعاليات والمناشط الثقافية التي كان للمسـرح فيها ظهـور واضـح ودور متميز تمثل في المسـابقة المسـرحية التي أقيمت بين جامعات دول المجلس. شاركت جماعة المسرح ممثلة لجامعة السلطان قابوس بمســرحية "الغرباء لا يشـربون القهـوة" وهي من تأليف / محمود دياب وإخراج الأسـتاذ/ جـابر الحراصي .
قصة المسرحية
المسرحية تدور حول الإنسان ومعاناته الدائمة من تدخل الآخرين في شؤونه ومحاولتهم فرض سيطرتهم ولو بالقوة. حيث ترمز شخصية الرجل - وهي الشخصية الأساسية في المسرحية- إلى ذلك الإنسـان الذي يحسب أن الجميع يمكن أن يكونوا أصدقاء له إلا أنه يكتشف أن هؤلاء الغرباء في النهاية لا يمكن أن يكونوا كذلك وهو يسـتغـرب أن هؤلاء الغرباء لا يشربون القهوة ثم إنهم لا يتركون سنتميتراً إلا وأخذوا قياسه !
كلمة عميد شؤون الطلاب
يعد النشاط المسرحي ركيزة أساسية ورافدا قويا للنشاط الطلابي بجامعة السلطان قابوس وقد شهد حرم الجامعة نماذج متميزة من الأعمال الهادفة خلال مسيرة الجامعة العلمية الشامخة وقد عبرت جميعها عن مدى الترابط والتفاعل بين النشاط الطلابي والنشاط اللاصفي من جانب وبين مخرجات الجامعة وبيئتها المحيطة من جانب آخر ولعل هذا الأمر يجسد من إدراك جامعة السلطان قابوس بأن دور المسرح في الحياة الإنسانية دور فاعل يعبر عن طبيعة هذه الحياة ومكوناتها المتنامية ولما كان الفن المسرحي يشكل لغة حوار في الحياة الإنسانية فهو غالبا لا يعرف الحدود وإن أفكاره ومعطياته تصل إلى العقول والقلوب بيسر وسهولة تعتمد في ذلك على الشكل الفني والمضمون الفكري لذلك النص وهو بذلك يعبر الحدود مهما اختلفت الأزمنة والأمكنة . وقد أولت مسيرة النهضة المباركة اهتماما بالغا بالحركة المسرحية إيمانا منها بأهميتها ودورها في معالجة العديد من القضايا الإنسانية والاجتماعية .
وهذا العرض المسرحي ((الغرباء لا يشربون القهوة )) يعد نتاجا فنيا يضاف إلى رصيد الحركة المسرحية بالجامعة وهو نتاج يعبر عن الطاقات الفنية الواعدة لطلاب هذه الجامعة ويعكس الصورة الحقيقة لإبداعات وجهود الطلاب ورغباتهم الطموحة نحو التطور والتجديد .
وجامعة السلطان قابوس متمثلة في عمادة شئون الطلاب إذ تبارك هذا العمل فإنها عاقدة العزم على مواصلة دورها الفاعل في رسم خريطة الثقافة في البلاد بشكل يجسد حقيقة وواقع الثقافة الأصيلة لهذا المجتمع العريق تاريخا وحضارة وثقافة.
د/ سالم بن خميس العريمي
عميد شئون الطلاب
إلى أعلى
الغرباء والقهوة الطيبة .. معادلة صعبة
عندما تشع الطيبة الخالصة داخل الإنسان لتغطي أشعتها المكان و الزمان . . . تاريخ الماضي و الحاضر و تضرب في الأعماق و الجذور . . . عندما تصبح الذكريات الجميلة هي الميراث الذي يقتات منه الإنسان لحاضره و مستقبله ، و عندما يتشبث الإنسان بالأمل و الرغبة في التفاؤل لمجرد قراءته لطالعه اليومي ، نحس نحن يا من نعرفه بسكينة عالمه و أمنه و صفائه و نقاء سريرته و نشعر بسحر طيبته الصادقة يغمرنا في زمن اغتيل فيه الصدق و تعملق الزيف و الكذب.
* عنوان الإنسان : " الغرباء لا يشربون القهوة " مسرحية من فصل واحد للكاتب المصري محمود دياب .
و قع اختيار الجامعة لهذا النص ليكون ضمن أنشطة جماعة المسرح بعمادة شوؤن الطلاب ، و ضمن المسابقة الطلابية للعروض المسرحية بالأسبوع الثقافي الخليجي ، تعتبر هذه المسرحية التجربة الأولى للمخرج الشاب جابر الحراصي من أبناء قسم الفنون المسرحية شعبة التمثيل و الإخراج ، و هي محاولة اجتهاد لخوض مضمار الإخراج المسرحي ، هذا المجال الإبداعي الواسع يشاركه الطالب محمد العبري من قسم الديكور في تصميم ديكور المسرحية " الغرباء لا يشربون القهوة " .
تحكي بشكل عام قضية إنسانية ، و بالأخص جرح عربي لم يندمل مازال ينزف إلى يومنا هذا ، قضية الهوية و ضرورة الحفاظ عليها . . . عندما تحاول يد الطامعين عبثا سلبها و انتزاعها ، بل طمسها كأن لم تكن . . الرجل الطيب في " الغرباء لا يشربون القهوة " هو أحد أطراف المعادلة الصعبة التي تطرحها المسرحية حيث يستقر هانئا و زوجته في بيته القديم الذي توارثه أجداده جيلا بعد جيل . . . بل هو بالنسبة له عالمه الجميل الذي يجتر من عبقه ذكريات الماضي الغابر ، و يرثي تغير الجيران و الأصدقاء الذين ما عادوا يشربون القهوة مثلما كانوا يفعلون ، أصبح وحيدا و إذا استغاث فلن يغيثه أحد ، فها هم الغرباء يتسللون إلى عقر داره الواحد تلو الآخر يقيسون بيته و يعاينونه ، يهتمون بالنصف " سم " فهو يعني لديهم الكثير لكنه يدعوهم بسجية العربي إلى قهوته ، إلا أنهم لا يستسيغونها بل لا يشربونها لأنها أصيلة و ذات نكهة صادقة و هدفهم ليست القهوة ( الضيافة ، الصداقة ، السلام ) و إنما البيت بأكمله ( الأرض ) يصيح صاحب البيت بأعلى صوته مستنكرا : تريدون انتزاعي من البيت . . انتزاع البيت مني طمس الحقيقة . . عبثا تحاولون . .
و يضطرونه إلى اثبات ملكيته للبيت بالمستندات و الأدلة ، إلا أنهم يمزقونها مستندا تلو الآخر بل تمتد أيديهم العابثة إلى أوراقه الخاصة ، صورة أشعاره ، رسائل زوجته له ، الرجل الطيب يموت أمامهم في كل لحظة ، يكيلون إليه الطعنات بتمزيقهم لأدلته و ذكرياته ، إلا أنه في النهاية يقف على رجليه و سيسعد أنهم لم يشربوا قهوته فهي ليست للطامعين و يستبشر خيرا في ابنه المسافر ليعود و معه بندقيته ؟!
لقد استطاع طاقم هذا العرض المسرحي من مخرج و مصمم ديكور و ممثلين و إداريين أن ينقلوا إلينا رسالة المسرحية و هي كتجربة لهم تعتبر عملا ناجحا استطاع هذا الطاقم من خلاله أن ينقل فكرة المسرحية للمشاهد الذي لامس جرح هذه المسرحية و استطاع أن يفك رموزها و يعي مضمونها .
منقول