في الليل، وعندما أقفُ في مكانٍ مرتفع في المدينة، أشاهدُ المدارس وكأنها شموعٌ تتوهجُ في عتمة الليل، وعلى ضوئها أتأملُ مشاهد الأطفال وهم يخرجون من بيوتهم كل صباح، منطلقين إلى غدٍ لا يقرؤون له ملامح، غير ملامح الخوف التي ترسمها لهم المحبّطات، وتكادُ ألوان لوحاته مرسومة على جدران المنازل وفي الطرقات، لكنهم لايقرؤونها إلا كما يراها الكبار ويُملونها عليهم ليل نهار ..
تلك المدارس بلا شكّ هي المصانع التي تُدارُ فيها عمليات إنتاج المستقبل، والصناعةُ الحقيقية للدول والحضارات لا تنطلقُ إلا من بين أسوارها، والسؤال المهم هنا: هل ما يتم في مدارسنا من عمليات تربوية وتعليمية يُبشّر بمستقبل مشرق؟!
في هذه المقالة أتحدثُ عن حالة (صناعةٍ) مختلفة تحصل الآن في الابتدائية الواحدة والعشرين للبنات بسكاكا، فهناك (أنعمَ) الله على تلميذات تلك المدرسة ومعلماتها ومجتمعها بقائدةٍ تربوية عرفتْ كيف تجعل من مدرستها (بيئةً جاذبة) من خلال تطبيق (فلسفة) إدارية قلّما سمعتُ عنها في مجتمعنا .